الميثاق الوطني للتربية والتكوين
la charte nationale d'éducation et de formation
عرف النظام التعليمي في المغرب إصلاحات كثيرة منذ الاستقلال إلى اليوم، إلا أن هذه الإصلاحات المتعاقبة، لم تكلل بالنجاح وذلك لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية، داخلية وخارجية، الشيء الذي استوجب القيام بإصلاح يستجيب لتطلعات الشعب المغربي، ويحصل على على إجماع مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية والتعليمية والسياسية والاقتصادية. وقد تجسد هذا الإصلاح الجديد في مشروع وطني طموح، ألا وهو الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي وضعته لجنة ملكية خاصة بالتربية والتكوين (COSEF).
ما هي مضامين هذا الميثاق؟ وماهي أهم محتوياته؟
1. تعريف مختصر للميثاق الوطني للتربية والتكوين:
يعد الميثاق الوطني للتربية والتكوين، مشروعا طموحا للإصلاح والتجديد، له أهمية كشافية وبيداغوجية وديداكتيكية بالغة. تتمثل أهميته المنهجية الكشافية في كونه وثيقة عمل توحي بدلالات ومعان متعددة، وتستشرف مستقبل الأجبال الصاعدة، وتقترح مجموعة من آليات التأطير والتكوين وميكانيزمات التدبير والتسيير. وتتمثل أهميته البيداغوجية الديداكتيكية في البدائل المختلفة والمتكاملة التي يطرحها تجاوزا للتصورات البيداغوجية التقليدية والنماذج الديداكتيكية المتقادمة.
2. محتويات الميثاق الوطني للتربية والتكوين:
يتكون الميثاق الوطني من قسمين:
1.2) القسم الأول: المبادئ الأساسية:
تتكون المبادئ الأساسية لنظام التربية والتكوين من محورين: مرتكزات ثابتة وغايات كبرى وحقوق وواجبات الأفراد والجماعات. ويمكن اعتبار هذا القسم بمثابة مقدمة عامة للكتاب، تؤكد مبادئ العقيدة الإسلامية وقيمها، وتدعو إلى التشبع بالثوابت والمقدسات الوطنية للمملكة المغربية، والحفاظ على الهوية والتوفيق الإيجابي بين الأصالة والمعاصرة. كما يتحدث هذا القسم عن الغايات الكبرى من الإصلاح، وعن الحقوق والواجبات والتعبئة الوطنية، حيث التنصيص على ضرورة "جعل المتعلم في قلب الاهتمام والتفكير والفعل" من خلال رعايته وتأهيله، وكذلك من خلال انخراط جميع عناصر المنظومة في مشروع إصلاح المدرسة المغربية التي يريد الميثاق أن يرد إليها اعتبارها عن طريق نهج سياسة رشيدة قائمة على احترام المتعلم وتكريم المربي والمدرس، وإشراك الآباء وباقي الفرقاء، وتضافر جهود الجميع حتى تصير المدرسة "مفعمة بالحياة، منفتحة على محيطها، تساهم في التنمية."، وتضمن للأفراد والجماعات حقهم في التعلم وتحصيل العلم والثقافة والمعرفة، وتشجعهم على الإبداع والمساهمة في تدبير شؤونها. وفي نهاية هذا القسم يدعو الميثاق الوطني إلى تعبئة جميع المواطنين من أجل إنجاح هذا الورش الكبير.
ومن المبادئ الأساسية للميثاق الوطني للتربية والتكوين، نذكر العمل على ترسيخ ثقافة الحوار وحقوق الإنسان، وجعل المتعلم وباقي الأطر المعنية واعين بواجباتهم متشبتين بحقوقهم المدنية والسياسية.
2.2) القسم الثاني: مجالات التجديد ودعامات التغيير:
توجد 6 مجالات للتجديد في الميثاق الوطني وهي:
- نشر التعليم وربطه بالمحيط الاقتصادي.
- التنظيم البيداغوجي.
- الرفع من جودة التربية والتكوين.
- الموارد البشرية.
- التسيير والتدبير.
- الشراكة والتمويل.
ويتضمن الميثاق الوطني 19 دعامة للتغيير وهي:
- تعميم تعليم جيد في مدرسة متعددة الأساليب.
- التربية غير النظامية ومحاربة الأمية.
- السعي إلى أكبر تلاؤم بين النظام التربوي والمحيط الاقتصادي.
- إعادة هيكلة وتنظيم أطوار التربية والتكوين.
- التقويم والامتحانات.
- التوجيه التربوي والمهني.
- مراجعة البرامج والمناهج والكتب المدرسية والوسائط التعليمية.
- استعمالات الزمن والإيقاعات المدرسية والبيداغوجية.
- تحسين تدريس اللغة العربية واستعمالها وإتقتن اللغات الأجنبية والتفتح على الأمازيغية.
- استعمال التكنولوجيا الجديدة للإعلام والاتصال.
- تشجيع التفوق والتجديد والبحث العلمي.
- إنعاش الأنشطة الرياضية والتربية البدنية المدرسية، والجامعية والأنشطة الموازية.
- حفز الموارد البشرية وإتقان تكوينها، وتحسين ظروف عملها ومراجعة مقاييس التوظيف والتقويم والترفيه.
- تحسين الظروف المادية والاجتماعية للمتعلمين والعناية بالأشخاص ذوي الحاجات الخاصة.
- إقرار اللامركزية وعدم التركيز في قطاع التربية والتكوين.
- تحسين التدبير العام لنظام التربية والتكوين وتقويمه المستمر.
- تنويع أنماط ومعايير البنايات والتجهيزات ومعاييرها، وملائمتها لمحيطها وترشيد استغلالها وحسن تسييرها.
- حفز قطاع التعليم الخاص وضبط معاييره وتسييره ومنح الاعتماد لذوي الاستحقاق.
- تعبئة موارد التمويل وترشيد تدبيرها.
في هذا القسم الثاني يتحدث الميثاق الوطني عن ضرورة نشر التعليم وتعميمه ليشمل العالم القروي الذي كان مهمشا لمدة طويلة ويستجيب لحاجيات المدينة التي تعرف نموا سريعا.
مقتطف من كتاب "المعين في التربية" للدكتور العربي اسليماني
تعليقات: 0
إرسال تعليق